الأعياد الإيرانية

جميع الأعياد الإيرانية تدور حول التجمع معًا، وإلقاء الشعر، والرقص، والتعبير عن الفرح، وكل هذه الأمور تنقل رسالة «السلام والصداقة»، لأنه لا أحد يرفع السيف أو يتصرف بخشونة في هذه الاحتفالات. وقد قال الحكماء الإيرانيون أيضًا: «كونوا دائمًا متحدثين بالثناء ولا تجعلوا لسانكم ينطق بالمرارة أو القسوة». من أهم الأعياد الإيرانية مهرگان، يَلدا، ثم سده، ثم چهارشنبه سوری الذي يعد بوابة نوروز، وبعدها فروردگان ونوروز، عيد الأعياد، ثم سیزده بدر، احتفال الأرض والزمن والسماء.

من اليونان إلى إيران القديمة، كان المفكرون يتفقون على أنه يجب أن تكون الحياة مليئة بالفرح، لأن الفرح يجلب معه الصحة، والرضا، والسعادة، والمحبة للمستقبل. ولجعل الصحة دائمة في روحنا وجسدنا، يجب أن نهتم بالتغذية الجيدة، والنوم الكافي، والمحبة، والسعادة. هذه العناصر متوافقة مع بعضها البعض كما لو كانت فروع شجرة تنمو في الغابة البشرية، وتحت ظلها نبحث عن السلام والراحة والرضا. الفرح هو شعلة الحياة، وعندما نفقده، ينطفئ مصباح الحياة.

حتى وفقًا للعلوم الحديثة، فإن القلق، والتوتر، واضطرابات النفس الداخلية تقلل من هذا الفرح، والرضا، والصحة. يعتقد الأطباء أن الحزن والأسى يضعف قدرة الجسم على الدفاع ضد المصاعب، والأمراض، والميكروبات، والعدوى. النظرة الإيجابية، والحماس، والأمل في الشفاء يمكنها وحدها أن تصمد كجيش منظم أمام الأمراض الخطيرة، وتعمل كسد قوي يمنع المرض، والمعاناة، والألم، والانتقاد الذاتي.

يقول العلماء اليوم إن الأمراض النفسية الجسدية (السيكوسوماتيك) هي سبب معظم الأمراض الجسدية، مثل قرحة المعدة، والسرطان، والشيخوخة المبكرة، والموت المبكر. في حالة عدم التوازن النفسي والعاطفي، تهاجم هرمونات الأدرينالين، والستيرويد، والكورتيكويد كريات الدم البيضاء. في هذه الحالات، لا يستطيع جهاز الدفاع في الجسم العمل بشكل جيد. عندما تفقد كريات الدم البيضاء قدرتها على محاربة الأمراض، يضعف جهاز المناعة. كما أن القلق والتوتر يؤديان إلى تقلص الغدة الزعترية، مما ينشط الغدد الكظرية، ويؤدي إلى العدوى والأمراض، ويقلل من عمر الإنسان.

لذلك، يحتاج كل شخص إلى الاهتمام ليس فقط بصحته الجسدية بل أيضًا بصحته العقلية، وإبعاد التوتر، واستضافة السلام، والفرح، والرضا في ذهنه. العيش يتطلب مشاعر إيجابية وسعادة، والمفتاح لذلك يكمن في بيت الأعياد، الذي يمنحنا السلام، والحماس، والنظرة الطيبة، ويملأ سلتنا بالصحة، والفرح، والمحبة لبعضنا البعض.

كان الإيرانيون يعتقدون أنه للتغلب على القوى الشريرة، يجب أن يمتلك الإنسان جسدًا وروحًا قوية. كانت الأعياد الإيرانية مليئة بالفرح والرقص، وهذا الفرح ذاته يجدد الجسد والروح ويمنح الإنسان الصحة.

تعكس العادات والتقاليد لأي أمة روحها وأفكارها. العادات الإيرانية مليئة بالروحانية والإنسانية وقد جلبت التضامن الوطني، وعززت الروح الجماعية والوحدة. الثقافة الإيرانية تهدف إلى خلق مجتمع مليء بالفرح، والصحة، والعدالة، وخالٍ من الحزن، والكسل، والركود. في الأعياد الإيرانية، يفيض التضامن والوحدة، ويتجمع الناس من جميع الأعراق والمعتقدات في هذه الاحتفالات.

والأمر المدهش هو أن أسلافنا، من خلال هذه العادات والتقاليد، نقلوا المعتقدات والمفاهيم جيلًا بعد جيل، والتي تعلمناها الآن من خلال العلم الحديث وعلم النفس الإيجابي. المشاعر الإيجابية والقدرات الشخصية التي تحدث عنها مارتن سيليجمان، مؤسس علم النفس الإيجابي، تظهر في كل هذه الأعياد. هذه الأعياد تتحدث إلينا بلغة إنسانية وروحية، وتهدينا نحو السلام والحياة الأفضل والأكثر صحة.

لنتذكر أن هذه الطقوس والأعياد القديمة مرتبطة بحضارتنا، وفكرنا، وثقافتنا. احترام هذه التقاليد يساعدنا على الحفاظ على الثقافة الغنية والنبيلة لإيران وقيمها العليا. الطقوس القديمة هي جذور ثقافتنا وحضارتنا. إذا كُسرت فروع الشجرة أو جُمعت أزهارها وأوراقها وثمارها، يمكن أن تنمو من جديد، لكن إذا جفت جذورها، فلا أمل في استمرار حياتها.

لذلك، من واجبنا الحفاظ على التقاليد الإيرانية الأصيلة المبنية على المعرفة، والروحانية، والإنسانية، والحفاظ على أعيادنا ومعتقداتنا التي تمنحنا حياة مليئة بالمحبة، واللطف، والفرح. من خلال ذلك، يمكننا تجنب فقدان الهوية، وأن نكون إيرانيين ونظل إيرانيين. الخطوة الأولى في ترسيخ الثقافة هي التعرف عليها. فلنستكشف الأعياد الإيرانية الأصيلة، ونتعرف على فلسفتها، ونتعلم دروس الحياة من قيمها. انضموا إلينا على طريق السلام والصداقة، والفرح، والمحبة، واستكشفوا الأعياد والاحتفالات التي تشكل التراث الروحي لإيران والإيرانيين.