سيزدهبهر
كنت في السادسة عشرة عندما اجتمعنا جميع الأقارب والمعارف للاحتفال بـ «سيزدهبهر» في حديقة أحد الأصدقاء. كما كان بعض الفلاسفة وعلماء الأدب والموسيقى معنا لإضفاء جمال على هذا اليوم. عند الظهيرة، دخلت أنا وجميع الفتيات، ونحن سعيدات، إلى الأعشاب وربطنا الأغصان مع ترنيمة: «بحق شاه مردان، اجعل حاجاتي محققة» متمنين زوجًا صالحًا وآملين في أيام زواج سعيدة. في المساء، تحدثت مع أحد أساتذة الأدب والأساطير، وسألني بابتسامة عن فلسفة سيزدهبهر وربط الأعشاب، فأجبت: كل ما أعرفه أن الرقم 13 نحس، سيء الحظ، والفتيات يربطن الأعشاب للحصول على زوج جميل. فأجاب مبتسمًا: بما أنني رأيت حبك للعلم والسعي وراء المعرفة في عينيك، أرغب في زرع بذرة الحكمة والإيجابية في ذهنك وقلبك وروحك من خلال العلم؛ احترمي ما يؤمن به الناس ويقولونه، ولكن إذا كنت محبة للتحري، يجب أن تسعي للبحث عن السبب والكيفية بالعلم. هذا الأستاذ الطيب والحكيم فتح لي نافذة العلم والحب والأمل، وتعلمت تدريجيًا البحث العميق للوصول إلى الإيمان القلبي والمعرفة.
في ذلك اليوم، كشف لي الأستاذ فلسفة الرقم 13. ومن خلال كلماته وأبحاثي اللاحقة، فهمت أن «الثقافة والحضارة الإيرانية» مليئة بـ «المحبة واللطف والخير»، ولا يوجد ما يسمى بـ «النحس» أو «سوء الحظ»، ولم يذكر أي مفكر أو كاتب قديم هذا اليوم بسوء في أي نصوص قديمة.
اعتقاد أن الرقم 13 سيء الحظ له جذور في بعض المعتقدات، خاصة في الحضارة الغربية. ففي الغرب، أحيانًا يؤثر هذا الاعتقاد على الأعمال اليومية والأحداث المختلفة، حيث يعتقدون أن في العشاء الأخير للمسيح، التلميذ الثالث عشر خانه. بالإضافة إلى ذلك، في الأساطير اليونانية القديمة، كان هناك مجلس من اثني عشر إلهًا، ودخل الثالث عشر وقتل أحدهم.
ولكن على عكس كل المعتقدات التي تعتبر الرقم 13 نحسًا، في ثقافتنا الوطنية يعتبر الرقم مباركًا وجيدًا جدًا. العديد من العلماء ذكروا اليوم الثالث عشر من نوروز كيومٍ مبارك في كتبهم وشعرهم.
اعتقد الإيرانيون القدماء أن عمر العالم 12000 سنة، وأن بعد هذه الفترة، يتجدد العالم وتبدأ دورة جديدة. بعد انتهاء هذه 12000 سنة، يتغلب البشر على الشر ومع ظهور سوشيانت، المخلص الموعود، يتم تدمير آخر قوى الشر، ويحدث «البعث»، ويصبح العالم كله خيرًا. وبهذا المعنى، اليوم التالي للبعث هو اليوم الأول من الألفية الثالثة عشر وبداية عالم نقي وخير. لذلك، كان الرقم 13 رمزًا للبداية والتجدد ويحظى باحترام كبير بين الإيرانيين القدماء، و«سيزدهبهر نوروز» علامة على تجدد العالم وبداية الخير في بداية السنة، مذكّرًا بـ «بعث جميل وخير».
لهذا السبب، وللدلالة على بداية دورة جديدة من الحياة، يحتفل الناس في اليوم الثالث عشر من كل عام في أحضان الطبيعة، بالفرح والرقص، استعدادًا لعام نقي ومبارك.
اليوم الثالث عشر من فروردين هو يوم خلق الكون. لذلك، في هذا اليوم، يتشكل رابط بين الإنسان والطبيعة، ويستقبل كل منهما الآخر. كما يدعو هذا الاحتفال الإنسان للعمل والمثابرة، ويحثه على أن يبدأ غدًا جهوده باسم الله لبناء حياة جديدة مع بداية السنة الجديدة. في هذا اليوم، تنتهي احتفالات نوروز التي بدأت بأربعاء السورى بـ سيزدهبهر، حيث يذهب الناس إلى قلب الطبيعة التي ترمز إلى الأرض النقية، ويمتدون السجاد ويحتفلون بهذا اليوم في أحضان الطبيعة.
في التقويم الإيراني، لكل يوم من الشهر اسم خاص. على سبيل المثال، اليوم الأول من كل شهر هو «اورمزد» واليوم الثالث عشر هو «تیر» أي يوم مبارك وجيد. هذا اليوم مخصص للإله تیر، ومعناه في اللغة الأوستائية «تيشتَر» أو «إله المطر»، مصدر كل المياه والمطر والخصوبة. لذلك، كان تیر رمزًا للإله الطاهر ورحمة الله لدى الإيرانيين القدماء، وكان يوم طلب المطر.
في الأزمنة القديمة، بعد احتفالات نوروز ونمو النباتات والبذور، كان الناس يذهبون في اليوم الثالث عشر إلى الطبيعة لطلب المطر. ولهذا السبب، يحتفل الإيرانيون سنويًا بزراعة الأرض في أول يوم يحمل اسم المطر، مع الأمل أن تُنبت الأرض الطيبة البذور المزروعة حتى يصلوا إلى مهرجان الحصاد. لذلك، يعتبر سيزدهبهر احتفالًا كبيرًا ومقدسًا ذو قيمة، وختامًا لأعظم احتفال سنوي، نوروز.
من الطقوس الأخرى التي تتم في سيزدهبهر، ربط الأعشاب. هذا الطقس يهدف لمباركة الطبيعة في ارتباط وزواج الرجل والمرأة. من جهة أخرى، في إيران القديمة، في زمن الملك كيومرث، كان «مشیه» و«مشیانه» أبناءه التوأم، وتزوجا في اليوم الثالث عشر من فروردين لأول مرة في العالم، باستخدام أغصان الشجر قبل أن يعرف الناس الزواج رسميًا. وبهذا، يقوم الفتيات والفتيان المرتقبين للزواج بربط الأعشاب كرمز للارتباط الزوجي والأمل في زواج سعيد، وما زال هذا التقليد حتى اليوم.
سيزدهبهر من القلائل من الاحتفالات الإيرانية التي ما زالت مستمرة. دراسة هذا الاحتفال تظهر لنا أن الرقم 13 يمكن أن يكون رمزًا للرحمة والبركة بدلاً من النحس، وأن الاحتفال في الثالث عشر من فروردين يمثل بداية جديدة للعمل والمثابرة نحو حياة جديدة وقيامة. لذلك، من الضروري ترك المعتقدات الخاطئة القديمة وننظر إلى «سيزده» و«سيزدهبهر» بنظرة جديدة.