مهرجان فروردگان
فروردگان هو مهرجان يبدأ منذ خمسة أيام قبل السنة الجديدة، أي يوم اشتاد إيزد (اليوم السادس والعشرون)، ويستمر لمدة عشرة أيام لإحياء ذكرى المتوفين. في الأساطير الزرادشتية والآرية، خلق الله العالم في ست مراحل خلال سنة واحدة، وكانوا يسمون كل مرحلة «گاهنبار»، ويقيم الزرادشتيون احتفالات ستة أيام في أيام معينة من السنة احتفالًا بهذا الخلق. مدة كل احتفال خمسة أيام، تكون أربعة أيام منها تحضيرية واليوم الأخير هو أهم أيام الاحتفال. هذه الاحتفالات كانت تُقام منذ القدم في الثقافة الإيرانية، وكانت تعزز الترابط والتجمع والفرح. في هذه الاحتفالات، يشكر الناس خالقهم على عطاياه ومخلوقاته الصالحة.
كما ذُكر، فإن گاهنبارها تمثل مراحل خلق العالم، وفروردگان أو هَمسپَتمَدَم هو آخر گاهنبار. في أول گاهنبار خُلِق السماء، وفي الثاني الماء، والثالث الأرض، والرابع النباتات والمحاصيل، والخامس الحيوانات، أما السادس فهو يوم خلق الإنسان. ويُقام الاحتفال السادس في اليوم الأخير الكبيسي من السنة، الذي يُسمى وهشتو إيشْت.
شهر فروردين مخصص للفروهرات. الفروهر نوع من الروح وقرين الإنسان، موجود قبل الخلق المادي للإنسان ويسافر إلى العالم الآخر قبل موته. في گاهنبار السادس، تهبط فروهرات الأبرار والمتوفين الصالحين إلى الأرض وإلى بيوتهم، وتبقى عشرة ليالٍ أو حسب الرواية حتى يوم فروهر أو التاسع عشر.
أبو ريحان البيروني في كتابه «آثار الباقية» ذكر أن الأيام الخمسة الأخيرة من شهر إِسفند تُعتبر أول فروردگان، وخمسة وَه أو خمسه مسترقه تُعد ثاني فروردگان. وفي آخر يوم من گاهنبار السادس يبدأ الاحتفال بالنوروز.
العائلات الإيرانية بمناسبة مهرجان فروردگان كانت تبدأ منذ بداية إِسفند بتنظيف المنزل وإزالة الغبار، وتجهيز البيت لوصول الفروهرات، وتحويل العداوة والبغضاء إلى صداقة. كما كانوا يشعلون النار على أسطح المنازل لإضاءة الطريق وإرشاد فروهراتهم، لأن النار تُعتبر تجسيدًا لذات أهورامزدا ورمزًا للدفء والفرح واللطف.
عندما تصل الفروهرات إلى البيت، يسعدون برؤية نظافة البيت ويصلون لهم بالخير والبركة، أما إذا كان البيت فوضويًا وغير نظيف، يحزنون ويغادرون دون دعاء.
تأتي الفروهرات للتأكد من سعادة وصحة وتقوى أهلهم، وعند بداية السنة الجديدة يعودون إلى العالم السماوي، ويستقبلهم أهلهم في ليلة نوروز بإشعال النار حتى الصباح.
حتى اليوم، ينظف الإيرانيون بيوتهم لهذا الاحتفال، ويرتدون الملابس الجديدة، ويصلون، ويضعون سفره هفتسين، والعصائر، والحلويات، وأواني الماء، والزهور في البيوت. يعتقد الزرادشتيون أن الفروهرات تشارك في فرح وسعادة العائلات خلال هذه الأيام العشرة، وبذلك يقوم الناس بأعمال ترضي الفروهرات ليكون رزقهم واسعًا وأحزانهم أقل. في هذا اليوم، يوزع الزرادشتيون جزءًا من دخلهم وثرواتهم على الآخرين.